قصة قصيرة | الجدران الباردة | مريم محمود

الجدران الباردة
لا صوت حوله سوى الصراخ،وحين يهدأالصراخ قليلا يكون االاستعداد لجولة أخرى
أكثر وحشية من العراك والشجار،
يصحو على صوت تحطم الأثاث او الأطباق والأوانى ،وصراخ الأم،وسباب الأب
وينام على نفس الأصوات حتى انتهى العراك ذات مرة بجملة متهورة
كانت رصاصة الرحمة التى أصابت علاقة مهترئة لاأمل فى إصلاحها (أنت طالق)
أغمض وليد عينيه عله ينسى تلك الذكريات المؤلمة
فى منزل بسيط عاش وليد طفولة حزينة
جدران المنزل باردة لادفء ولاحنان  وجد نفسه مكروها من الجميع إن أخطأ تقرعه امه وتنسبه
إلى ابيه وأنه يشبهه فى كل شيئ حتى سلوكياته ،تقاسيم وجهه تذكرها به وبما يفعله بها
يريد ان يرمى نفسه فى أحضانها وينهل من عطفها فلا يجد سوى القسوة تبعده عنها بقوة
(روح لابوك ماأنت شبهه)
وهكذا فى كل مرة حتى جف الحب فى عروقه ولم يثمر أبدًا
أما الأب فمشاعره متأرجحة تجاهه احيانا يشعر انه يحبه و حينما ياخذه فى جولة  تاركًا المنزل  لزوجته بجملة سمعتها كثيرا(أناواخد ابنى وخارج سايبلك البيت متطربق على دماغك)
لم يدرك انها كانت حيلة لإغاظتها وإوجاعها  أكثر واكثر
وفى بعض المشادات كان يضرب الصغير إمعانًا فى الانتقام منها ،
كبر وليد قليلًا ولم يدرك سر هذا العداء الرهيب بينهما يحاول ان يجد مبررًا واحدًا
سمية الأم على قدرٍ من الجمال  تزوجت بياسر الشاب الوسيم صاحب  العلاقات المتعددة مع
فتياتٍ كثيرة
سيرته فى هذا المجال واسعة ومنتشرة ،
وحين أراد سمية جارته فى نفس الحى رفضت وصدته فماكان منه إلا أن تقدم لخطبتها وتزوج بها ،
وافقت سمية عليه بالرغم من معرفتها بعلاقاته بعد أن وعدها ان يكون لها وحدها ولكن بدأ الشك والوساوس يلعبان لعبتهما فى نفس سمية
تراقبه ليل نهار كل همسة ،لمسة،غمزة لها تفسيرات وتفسيرات
حتى انقلبت حياتهم الى جحيم لايطاق
كره تسلطها وغيرتها العمياء وحين انفصلا لم يدركا أن الصغير هو من سيدفع ثمن نزقهما
ورحلت الأم ورفضت ان تاخذ الصبى معها أرادت ان تترك له ذكرى موجعة منها كلما رآها تذكر مافعله بها
لم تستجب لدموعه وتوسلاته لها أن تأخذه معها واستكثرت عليه ضمة إلى صدرها علها تكون الأخيرة ،ربتت على كتفه ووعدته أنها ستعود وتأخذه حينما تستقر أحوالها
وعيون وليد تعلقت بها وكأنها تناشدها بأن تنقذه من واقعٍ مظلم ينتظره  ومن مستقبلٍ بات تخمينه من رابع المستحيلات..



أما الاب فقد اعتبر الصبى حملًا ثقيلًا عليه منذ اللحظة الأولى
اعتبر وجوده معه مشكلة فمن سيهتم به ومن سيقوم برعايته ثم إنه أنانى بطبعه لايفكر إلا فى نفسه فكر إن أراد الزواج من ستقبل بوجود طفل معها؟
وصار وليد منبوذًا من الجميع وبعد أن تزوجت الأم وفعل هذا بياسر مافعل فقد تزوجت بعد انتهاء العدة مباشرة ولم تنجح محاولات الصلح التى بذلها الاقارب والجيران أن تعيد علاقة فقدت معنى وجودها من الأساس
لم يشفقا على الصغير ولم يفكرا فيه
كان همهما الانتقام ومن يربح جولة حتى ولو على حساب الابن الوحيد
سارع ياسر بالزواج ولم يفكر فى زوجة تكون أمًا لولده بقدر مافكر فى امراة تكوي قلب طليقته
وجاءت العروس متأففة من كل شيئ من الزوج المطلق والمنزل القديم والابن الحزين
فسقته العذاب صنوفًا حتى كره كل شيئ
وبمرور الأيام أتته فكرة ربما امه تغيرت وصارت اكثر عطفًا عليه حتى وإن لم يرها سوى مرات معدودة خلال خمس سنوات مضت
وبعد مشاجرة حامية مع زوجة أبيه وعلقةٍ ساخنةٍ من الوالد قرر الرحيل لمنزل أمه
وحينما رأته تضاربت مشاعرها ارتمى فى حضنها شعر بادئ الامر بحبها ثم مالبثت أن تذكرت والده فأبعدته عنها وسألته.ماالذى اتى بك
وانهمرت دموع الصبي ورفع راسه ليجد رجلًا طويل القامة على وجهه ملامح هيبة ووقار
ربت على كتف وليد وقال له ادخل حجرتك يابنى مع أخيك الصغير ،
واتسعت حدقتا  سمية وتبرمت فى مقعدها بينما دخل الصغير مطأطئ الراس
وطلب الرجل من زوجته أن تنسى ذكرياتها المؤلمة فلا ذنب للطفل فيها
لم تجد بدًا من تقبل الامر وقد صار واقعًا ولاحظت شفقة حسين زوجها على وليد وحبه له واهتمامه به ،
فكانت تترك وليد مع أخيه الصغير ذو الأربعة أعوام وتذهب للتسوق
وذات مرة عادت لتجد جلبة وضجيجًا فى شقتها والجيران على وجوههم الرعب بعد أن كسروا
الباب  ودخلت غرفة الصبى وصرخت:ابنى.   اين ابنى ونادت حسام رد علي!!!!
طمأنتها جارتها لاتقلقى ياسمية احمدى ربنا انها جات على قد كدا ،،،
ولادك بخير جوزى راح بيهم المستشفى الغاز إتسرب وأنا شميت الريحة من المطبخ كسرنا الباب والحمد لله هما كويسين،
جرت مهرولةً الى المستشفى وتبعها زوجها ومالبثا ان تدافعا الى الحجرة يحتضنان الصبى ويتفقدان جسده ويمطرانه قبلاتٍ تلو قبلات
أما وليد فانزوى فى ركن يشهد ذبح قلبه من جديد





تنويه : الصور والفيديوهات في هذا الموضوع على هذا الموقع مستمده أحيانا من مجموعة متنوعة من المصادر الإعلامية الأخرى. حقوق الطبع محفوظة بالكامل من قبل المصدر. إذا كان هناك مشكلة في هذا الصدد، يمكنك الاتصال بنا من هنا.

عن الكاتب

هذا النص هو مثال لنص يمكن أن يستبدل في نفس المساحة، لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى

0 التعليقات لموضوع "قصة قصيرة | الجدران الباردة | مريم محمود "


الابتسامات الابتسامات